حكمة رائعه كيفة يصيطر الشيطان على الفؤاد
المشاحنة بين الخير والشر
قتال النفس والفؤاد
وقد وعى الشيطان دور الفؤاد ومكانه فلم يضيِّع زمانه في معارك جانبية أو مناوشات هامشية ، بل صوَّب جهده باتجاه مقصد واحد وغاية ثابتة. أفاد ابن القيِّم :
" ولما معرفة عدو الله إبليس أن المدار على الفؤاد والاعتماد عليه ؛ أجلب عليه بالوساوس ، وأتى بوجوه الشهوات إليه ، وزيَّن له من الأقوال والأعمال ما يصده عن الطريق ، وأمدَّه من عوامل الغي بما يقطعه عن عوامل النجاح ، ونصب له من المصايد والحبائل ما إن سلم من السقوط فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق " .
فالقلب هو المقصد المشترك بين الملك والشيطان ، كلاهما يستهدفه ، فهو مقر التشاحن ، والنقطة الملتهبة ، وساحة القتال ، وأرض الموقعة ، ونتيجة تلك الموقعة : إما هداية الفؤاد وحياته ، وإما قساوته وموته وهلاكه ، فواعجبا ممن أخذ نصيحة العدو ، وردّ وصية الحبيب ، واشترى صداقة الشيطان بعداوة الملائكة ، وأفصح الحرب على ما توجد من إيمانه بالتنسيق مع عدوه اللدود ، وهي صيحة الدهشة التي في وقت سابق وأن أطلقها ابن الجوزي حين صرح :
" كيف طابت نفسك أن تكون ظهيرا لفئة النفس على فئة الفؤاد ، وفئة الفؤاد مؤمنة وفئة النفس كافرة؟! " .
عن الجوارح غير مشابه
وقد يقول قائل : إلا أن الأعضاء والجوارح ايضاً مستهدفة من قبل الملائكة والشياطين ، فما الفارق بينها وبين الفؤاد؟! وأقول على لسان والدي حامد الغزالي الذي بيَّن الفارق الظاهر في قوله :
" العوارض له أكثر ، فإن الخواطر له كالسهام ، لا تزال تقع فيه ، وكالمطر ؛ لا تزال تُمطر عليه بالليل ونهارا لا تنقطع ، ولا أنت تقدر على منعها فتمنع ، وليس بمنزلة العين التي بين الجفنين ، تغمض وتستريح ، أو تكون في مكان خال ، أو ليل مظلم فتُكفى مشاهدتها ، أو اللسان الذي هو خلف الحجابين : الأسنان والشفتين ، وأنت قادر على منعه وتسكينه ، بل الفؤاد غاية للخواطر ، لا تقدر على منعها والتحفظ عليها بحال ، ولا هي تنقطع عنك بوقت " .