فيلم***ليلة هادئة مع سانتا كلوز الشرير
والمفاجآت .. أظنكم عرفتموه ، أنھ بابا نوئیل ، أو سانتا كلوز ، هذا
العجوز ذو الخدود النافرة والابتسامة العریضة واللحیة الكثة الذي
یمخر بزیه الاحمر دائرا على البيوت لیوزع ھدایا رأس السنة على
الاطفال ویزرع الفرح في قلوبھم الصغیرة ، أنھ ایقونة للعطاء
والطیبة .. إلا أن لیس دوما للاسف ، ففي لحظة قد یتحول ھذا العجوز
المعطاء إلى شیطان لا یعرف الرحمة .. لیس لشر في ذاته ، إلا أن
نتيجة لـ اشرار الإنس الذین یجدون التنكر في زیه وھیئته وسیلة سھلة
لتحقیق مآرب دنیئة ، فكم من جریمة بشعة ارتكبت بأسم بابا نوئیل ،
كالتحرش بالاطفال الناشئين ، أو السطو على البيوت والمصارف ،عزیزي القارئ من منا لم یعرف المجزرة البشعة التي وقعت والتي أطلق علیھا أسم مجزرة كوفینا ، ھي بالتأكيد حكاية حقیقیة وقعت
أحداثھا في غمرة الأحتفالات بأعیاد رأس السنة عام ٢٠٠٨م حیث
تنكر بروس جیفري باردو في ثیاب بابا نویل ثم توجھ لبیت أسرة
زوجتھ الماضية حاملاً على ِ ظھره كیساً یوحي بأنھ ملیئ بالھدایا ،
فتحت أبنھ شقيقة زوجتھ البالغة من السن ثامنة سنين الباب لتصدم
بـ باردو الذي كان یحمل في یدیھ الیسرى ھدیة صغیرة وفي الیمنى
مسدس من عیار ٩ ملي متر .. صرح مرحب بكً ثم أطلق النار على الطفلة
وتلقى شرطة الطوارئ (٩١١ (مكالمة ھاتفیة مفادھا : "إنھ یطلق
النار! إنھ یطلق النار على عائلتي بأكمالھا!!" .. وقد كانت الضوضاء
تملأ المقر وھناك أصوات أطلاق النار ..
ترتيب الطوارئ : "ما ھو ِ عنوانك؟ .. سیدتي لقد فھمت ، أنا بحاجة
ِ إلى علم عنوانك"
المتصلة : "تم أطلاق النار على أبنتي ! لقد أصیبت في وجھھا"
ترتيب الطوارئ : "حسناً ! حسناً ! سیدتي ؟سیدتي؟ ..
ِ ھل ھو في منزلك الأن ؟ "
المتصلة : "نعم أنھ ھناك ! أنھ یطلق النار! ..
أسمھ بروس باردو!!!!
باردو!!!!!!!!!"
لم یتوقف ھذا المجرم بأطلق النار على الفتاة الصغیرة أولاً ، بل توجھ
إلى بقية أشخاص الأسرة وبدأ بأطلاق الرصاص على نحو عشوائي ، ثم
أخرج قاذف اللھب وبدأ یحرق كل من أتى في طریقھ .. وقد كان في
البیت زيادة عن عشرین شخصاً ، اجتمعوا للاحتفال برأس السنة ، قتل
من بینھم ٩ ، من بینھم زوجتھ الفائتة سیلفیا أورتیجا ، ووالداھا
وثلاث من أخوتھا ، ثم أضرم النار في البيت ولاذ بالهروب ..
لم ینجو باردو نفسھ من ألسنة اللھب ، إذ احترقت اجزاء من جسمه ،
فخرج مسرعاً من مسرح الجریمة وتوجھ إلى بيت أخیھ الذي كان
یبعد 30 میلا ، حیث وجد ھناك میتاً بطلقة نارية في الدماغ مع حروق
من الدرجة الثلاثة وبقایا من لباس بابا نویل تلف ما توجد من جسمه.
تم تفتیش منزلھ على أمل إيجاد مراسلات أو أي دلائل یمكن أن
تعاون على فھم حالتھ النفسیة إلا أن دون فائدة ، وعثر المحققون على
سیارتھ متوقفة قرب البيت وفي داخلھا كمیة كبیرة من الذخائر
وقنبلة یدویة الصنع ، لم یكن لباردو سجل جنائي ولم یكن شخصاً
عدائیاً أو عنیفاً ، إلا أن قبل عاماً لاغير من مجزرة كوفینا أمرت المحكمة
باردو بدفع عشرة آلاف دولار كجزء من تسویة فسخ العلاقة الزوجية مع زوجتھ ،
مثلما أنھ طرد من وظیفتھ وأصبح عاطلاً عن الشغل قبل اشھر من
ارتكابھ المجزرة ، أنتحر باردو ودفن سرهُ معھ وتم أغلاق ملف
روايات أجرام كھذه یسیل لھا لعاب صانعي السینما ، لأخراج أفلام
.. وھذا ما فعلھ المخرج أستیف میلر عام ٢٠١٢ أعتماداً
تلتھب رعباً
على سیناریو فاخر للكاتب جیسون روثویل و عنوان الفیلم "لیلة
ھادئة" ، ویحكي حكاية مدینة تعیش مشكلات الفقر والبطالة نتيجة لـ
أغلاق المعمل الوحید في المساحة ویعلق العمدة أمالھ على لیلة
الكریسمس لبث شيء من الأنتعاش الأقتصادي والرواج التجاري ،
إلا أن الأمال عاجلا ما تأتي لتصبح جحیم نتيجة لـ مریض نفسي یرتدي
ملابس بابا نویل ویتجول في هذه اللیلة بین الناس یحكم علیھم بالخیر
والشر ، فالأخیار في ِ نظره ینالون الھدایا والأشرار مصیرھم الوفاة
.. أما بالمسدسات أو قاذفات اللھب مثلما تصرف المجرم باردو لتعیش
المدینة ساعات من الزعر والخوف في مواجهة بشاعة الجرائم وھمجیة
المجرم ، لقد أعطى المخرج نكھة خاصة للقصة الحقیقیة دون أن
ینسى تذكیرنا بأول ضحیة لباردو وھي طفلة في الثامنة من عمرھا ..
الفیلم جدیر بالمشاھدة ویحمل برقية تقول :
((لا تثق بأي حال من الأحوالً بشخص یقدم الھدایا)).