أخر الاخبار

مصاص الدماء هو حقيقة أو مجرد أسطورة?

مصاص الدماء هو حقيقة أو مجرد أسطورة?

عندما یجري الحدیث عن مصاص الدماء , الكثیر من الناس یقولون
أنھ مجرد أسطورة , وأن ما نشاھده على الشاشة من مسلسلات وأفلام
مجرد خیال لا أساس لھ من الواقع . بالتأكيد أنا لست ھنا بمعرض
الحماية عن وجود مصاص الدماء من عدمھ , بالنھایة ھي مسألة
قناعات , وأقول قناعات لأني أشاهد تداول الناس مع الماورائیات یتسم
كثيرا ما بالانتقائیة , فترى احدھم یصر على عدم وجود مصاص الدماء
متحججا بأنھ لا یوجد دلیل جوهري أو علمي محسوس یثبت ھذا الوجود ,
وھي حجة مردودة , لأن نفس الشأن ینطبق على جمیع الكیانات
الماورائیة , أعني ھناك أمور كثیرة نؤمن بھا لا یوجد دلیل جوهري
محسوس على وجودھا. وعلیھ فأن قناعاتنا الدینیة والثقافیة
والاجتماعیة , وحتى العاطفیة , ھي التي تلعب في واقع الشأن ,




الدور الأضخم في قبولنا بأمور وإنكارنا لأخرى. وھذه الحكاية التي
سأسردھا علیكم هذه اللحظة تخضع لھذا المبدأ , أي مبدأ القناعات , وأنا لا
أرمي من وراءھا بالطبع إلى تغییر قناعتك بشأن وجود مصاص دماء ,
بمقدار ما أود أن أبین لك بأنھ لا یوجد دخان بدون نار , ولا تبقى
أسطورة بلا - ولو قلیل - من الحقیقة.
دعونا هذه اللحظة من ھذه المقدمة السفسطائیة , ولنركب بساط الخیال
ونطیر سويا إلى انجلترا القرن التاسع عشر , تحدیدا إلى مقاطعة
كمبریا , أو كمبیرلاند مثلما كانت تسمى في هذا الدهر , وھي مساحة
ریفیة تقع شمال انجلترا على الأطراف الحدودية مع اسكتلندا.
نحن هذه اللحظة في
أواخر خریف عام
مصاص الدماء هو حقيقة أو مجرد أسطورة?1871 نقف إزاء
بيت ریفي ذو
طابق واحد , سقفھ
منحدر تعلوه
مداخن مسودة ,
وجدرانھ مبنیة
بحجارة ذات لون
بني باھت تتخللھا
العدید من النوافذ
الخشبیة . منظر
البيت في ھذا
الوقت من السنة لا
یسر الناظرین , لیتك رأیتھ في الربیع , إلا أن لیس هذه اللحظة , فھو یقف
وحیدا على قطعة أرض واسعة تغطیھا حشائش مصفرة وشجیرات
قصیرة متیبسة , ھذه الأرض مفتوحة من جمیع الجھات , ماعدا
طرفھا الذي بالجنوب حیث یوجد سیاج خشبي مرتفع یحاذیھ صف طویل من
أشجار السندیان و الزیزفون الكبير جدا التي جردھا الخریف من
أوراقھا للتو فبدت كغیلان عاریة قبیحة , وخلفھا على الفور تبقى مقبرة
صغیرة ملحقة بكنیسة مھجورة , من الملحوظ أن أحدا لم یدفن في هذه
الجبانة العتیقة منذ زمن بعید , فشواھد القبور سمراء متآكلة وبعضھا
مھشم , والكنیسة نفسھا لم یتبقى منھا إلا أطلال خربة.
قد تظن عزیزي القارئ بأننا نتحدث عن بيت منعزل بداخل منطقة نائیة
, إلا أن لا , فھذا البيت الذي عرفھ الناس بأسم كروجلین غرانج ,
لیس وحیدا , إذ تبقى بيوت أخرى في الجوار , لكننا ھنا في الریف
, وجوار الریف غیر جوار المدینة , في الریف تكون البيوت متباعدة
وتفصلھا أراضي واسعة , ونادرا ما یتغیر سكانھا , فھي بالعادة
متوارثة للعديد من أجیال , وھذا الشأن یصدق كليا على البيت الذي
وصفتھ لكم قبل قلیل , فمالكوه , آل فیشر , عاشوا فیھ وتوارثوه أبا
عن جد لعھود متمادیة , إلا أن أمورھم المادیة تحسنت كثیرا في الآونة
الأخیرة , فعقدوا العزم على الانتقال لبيت أضخم , وھا ھم یلملمون
أثاثھم وأغراضھم تاركین بيت الأجداد خالیا سوى من صفیر ریح
الشتاء الباردة , وبحلول موسم الصیف القادم سیتم تأجیر البيت
مصاص الدماء هو حقيقة أو مجرد أسطورة?لعائلة جدیدة تدعى كرانسول , تتكون من شقیقین یدعیان ادوارد
ومایكل وشقیقة أسمھا إمیلیا.
الأسابیع الأولى لآل كرانسول في منزلھم الجدید مرت بغایة الھدوء
والانبساط , فالھواء علیل والمناظر خلابة لاسيما بعدما ارتدت
الطبیعة حلتھا الصیفیة الخضراء الزاھیة . مثلما أن الجیران ودودن ,
توطدت علاقتھم سریعا بالأشقاء الثلاثة لأنھم ذوو شخصیات مرحة
محببة.
إلا أن ھذه السعادة لم تدم طویلا , فذات لیلة مقمرة من لیالي يوليو /
یولیو حدث حادث مروع قلب حیاة الأشقاء الثلاثة رأسا على في أعقاب
وملئ نفوسھم ھلعا ورعبا.
في هذه اللیلة اللیلاء تناول الأشقاء عشائھم باكرا لأن الأحوال الجوية كان حارا
فوق المعتاد , وبعدھا خرجوا إلى شرفة صغیرة نحو بوابة البيت
وجلسوا یتبادلون أطراف الحدیث في الھواء الطلق حتى أدركھم
النعاس فتوجھ كل منھم إلى حجرتھ المخصصة , وقد كان من عادة امیلیا
أن تقفل باب حجرتھا وتغلق نافذتھا قبل أن تأوي إلى سریرھا , وكما
قلنا هذه اللیلة كانت حارة للغاية , لهذا لم تتمكن من امیلیا السبات بسھولة
وظلت تتقلب في فراشھا لوقت طویل حتى ضاقت ذرعا فقامت متأففة
وھي تعتزم فتح الشباك علھا تحظى بنسمة ھواء منعشة . إلا أن ما أن
وقفت إزاء الشباك ومدت یدھا لتفتحھ حتى وقعت عیناھا على نقطتان
حمراوتان تتوھجان بین الأشجار البعیدة المحاذیة للسور الخشبي الذي
یفصل أرض البيت عن الكنیسة الخربة.
لوھلة ظنت إمیلیا
أن حیوانا ما یختبأ
بین الأشجار , إلا أن
عندما دققت البصر
أكثر لاحظت بأن
النقطتان ملتصقتان
على ما یبدو بجسم
داكن غیر جلي
المعالم , وأنھما
تتحركان. أمیلیا
شعرت ببعض
الرهاب لكنھا لم
تبارح مكانھا , بل
استمرت تتابع وترصد ویدھا على الشباك لم تفتحھ عقب , و بدا لھا بأن النقطتان
تكبران .. وھا ھما تتركان الظلمة تحت الأشجار وتصبحان وسط
الأرض الخضراء المكشوفة , وتحت ضوء القمر رأت امیلیا منظرا
جعل قلبھا یقفز ھلعا من مكانھ , فتلك النقطتان الحمراوتان كانتا في
الواقع عینا فرد یرتدي ملابس قدیمة الطراز , ویسیر بطریقة
غریبة.
أحساس غریب راود امیلیا في أن هذا الغریب یتقصدھا ھي بالتحدید
وقادم نحوھا , وبالفعل ما ھي سوى برھة حتى كان یقف قرب نافذتھا ,
فبانت ملامحھ جلية , وقد كان مخیفا , ذو وجھ شاحب متجھم جامد
القسمات , كأنھ بدون حیاة.
أمیلیا تراجعت إلى الوراء , أرادت أن تصرخ طلبا للإغاثة إلا أن
صوتھا أبى أن یفارق حنجرتھا من شدة الزعر الذي أصابھا , بل
وكأنھا أصیبت بالشلل , فحتى أقدامھا لم تعد تحملھا , فسقطت أرضا
وراحت تزحف باتجاه الباب أملا في أن یدركھا أخواھا .
في ھذه الأثناء كان الفرد المخیف قد فتح النافذة بعدما كسر
الزجاج وأصبح داخل القاعة بلمح النظر , وعند سماعھا صوت
تحطم الزجاج استدارت امیلیا إلى الوراء , فوجدت هذا الفرد یقف
فوق رأسھا , وبسرعة البرق رمى نفسھ علیھا و أنشب أنیابھ في
عنقھا یمتص دمھا ..
وكأن هذه العضة
بعثت تیارا
كھربائیا في جسم
امیلیا فحررتھا من
وضعية الشلل ,
وانطلقت حنجرتھا
تصرخ بأعلى
صوتھا طلبا للإغاثة
وقد كانت هذه
الصرخة المدویة
كفیلة بجعل أخواھا
یقفزان من
سریریھما
ویھرعان باتجاه
حجرتھما , ولما
وجدا الباب مقفلا
كسراه , ووراءه
كانت امیلیا ممددة
على الأرض تنزف
من رقبتھا , فھرع
مایكل لحظيا
واحتضنھا , فیما
ركض ادوارد باتجاه
النافذة المفتوحة
لأنھ لمح شیئا یقفز
منھا , وحین نظر
عبر النافذة إلى الأرض المفتوحة أمامھ شاھد شیئا یخطف بین
الحشائش بشكل سريع ثم ما لبث أن رأى شخصا مجھولا یقفز فوق السور
الخشبي ویختفي بین الأشجار الكبير جدا جھة الكنیسة المھجورة.
الأخوان استدعیا الطبیب و أرسلا أیضا في إلتماس الجیران من
أصحاب الأراضي المتاخمة , فاجتمع الرجال و السيدات في بيت
كروجلین غرانج تعلو وجوھھم إمارات الإرتباك والفزع , إذ كانوا قد
أفنوا عمرھم كلھ بھذه الدیار , ولم یسمعوا قط بوقوع أمر مشابه ,
أي مھاجمة امرأة في منزلھا . وخرج فریق منھم یحمل المشاعل
مفتشا بخصوص البيت لعلھ یعثر على أثر للمھاجم , لكنھم لم یجدوا شيء
فعادوا خالین الوفاض .
الطبیب عالج جرح امیلیا وصرح بأن حالتھا مستقرة ولا تشكو خطبا في
جسدھا , إلا أن من الملحوظ أن الحادث أثر في نفسیتھا , وأنھا في وضعية
مصاص الدماء
صدمة , فنصح أخواھا أن یأخذاھا في سفرة بعیدة لیروحا عنھا.
وبسؤالھا عن ھویة
الفرد الذي
ھاجمھا صرحت أمیلیا
بأنھ بدا مخیفا
وغریب الأطوار ,
وأنھا تظن بأنھا
فرد مجنون فار
من مشفى عقلیة .
إذ كانت ھناك فعلا مركز صحي عقلیة داخل حدود منطقة غیر بعیدة.
الشقیقان أتبعا نصیحة الطبیب وأخذوا امیلیا في سفرة طویلة إلى
سویسرا حیث ظلوا ھناك للعديد من أشھر ارتاحت خلالھا أعصاب امیلیا
كثیرا ونست ما كان من أمر الحادث المفزع , حتى أنھا كانت ھي
المبادرة لطلب الرجوع إلى انجلترا , یحدوھا الشوق للقاء صدیقاتھا في
كروجلین غرانج . وھكذا رجع الأشقاء إلى الوطن لكنھم كانوا أكثر
تأھبا ھذه المرة , إذ أشترى ادوارد مسدسا ووضعھ قرب سریره
استعدادا لأي طارئ.
ومر أسبوع على رجوع الأشقاء والأمور على أحسن ما یرام , إلا أن في
أول لیلة من الأسبوع الثاني وبعدما أوى الأشقاء لأسرتھم , سمعت
امیلیا طرقا خفیفا على نافذتھا , ففتحت عیناھا لترى نفس هذا
الفرد الغریب الأطوار واقفا نحو النافذة یھم بالدخول لحجرتھا .
إلا أن حنجرتھا لم تخنھا ھذه المرة , إذ صدحت بالصراخ طلبا للإغاثة ,
فھرع أخواھا إلیھا , وعندما دخلا حجرتھا لم یجدا واحد من سواھا , إلا أن
أمیلیا المرعوبة نوهت لھما صوب الشباك المفتوح , فركض ادوارد
نحوه وشاھد شخصا یركض فوق الأرض المكشوفة ھاربا صوب السور
الخشبي , فأطلق ادوارد النار من مسدسھ وأصابھ في قدمھ , لكنھ
واصل بالجري باتجاه السیاج , وبقفزة واحدة عبره ثم توارى في
الظلام بین الأشجار.
ھذه المرة بات
الحال لا یطاق ,
امیلیا في وضعية
ھستیریة , وأیقن
الجمیع بأن الشأن
یتعدى مجرد
فرد مجنون
ھارب من مركز صحي
, فأجتمع الرجال
في فجر الیوم
الأتي بمرافقة العمدة
وخرجوا یفتشون
كل شبر بحثا عن
هذا المھاجم
القميء , و بالتأكيد
بدئوا بحثھم أولا جھة السور الخشبي لأنھ هذا الفرد هرب إلى ھناك
في كلتا المرتین , وعاجلا ما قادتھم أقدامھم إلى الكنیسة المھجورة
ومقبرتھا العتیقة , ولاحظ أحدھم وجود خیط دم رفیع یمر عبر القبور
وصولا إلى واحد من سرادیب الموتى , وقد كان السرداب مظلما تسد مدخلھ
ببوابة حدیدیة كبیرة علیھا سلسلة وقفل صدئ , فكسروا القفل ثم
أشعلوا مصابیحھم ونزلوا عبر دھلیز مظلم وبارد إلى قاعة صغیرة
تتوزع على جوانبھا التوابیت , وقد ھالھم ما شاھدوه , فالتوابیت
مفتوحة , كأن شخصا ما عبث بمحتویاتھا , وعظام الموتى
وجماجمھم مبعثرة في أرجاء الموضع , بالإضافة إلى عظام الكثیر من
الحیوانات . إلا أن كان ھناك تابوت واحد سلیم كليا لم تمسسھ ید بسوء
, فتعجبوا من كلفه وقرروا أن یفتحوه , وعندما رفعوا الغطاء
ونظروا إلى ما بداخلھ ارتعدت فرائصھم وتشابكت أیدیھم وتراجعوا
إلى الوراء مرعوبین , إذ كانت في داخلھ جُسمان لرجل تنطبق علیھ
الخصائص التي ذكرتھا امیلیا , والمدھش أن الجُسمان سلیمة وكأنھا
لرجل توفي بالأمس مع أن المكتوب على التابوت یشیر حتّى
صاحب الجُسمان توفي قبل أكثر من  مائة عام ! .. والأكثر غرابة ھو أنھم
وجدوا جرحا في قدم الرجل المیت , وقد كان الجرح رطبا ینزف دما ,
وقد كان ادوارد قد اخبرھم بأنھ أصاب الفرد الغامض الذي ھاجم
شقیقتھ بطلقة نارية في قدمھ. فوقف الجمیع ینظر واحدھم إلى الآخر
وقد امتقعت ألوانھم وعقدت الدھشة ألسنتھم لا یدرون ماذا یقولون
وكیف للأمر یفسرون.
وقد كان بینھم شیخ عجوز كثیر الأسفار عرك الحیاة وعركتھ , فقال عقب
طول سكوت : "أنھ مصاص دماء" .
فألتفت الجمیع نحوه ورددوا متعجبین : "مصاص دماء! .. وماذا
یكون؟".
صرح العجوز : "فرد میت تبدل عن طریق السحر إلى كائن یعتاش
على مص الدماء".
فقالوا متعجبین : "وكیف لمیت أن یقوم ویتحرك؟!".
فأجب العجوز : "لا تعجبوا من هذا , فھو جسم بدون روح استولى
علیھ الشیطان ومسخھ إلى كائن طفیلي مخیف لیرھب الناس ویزعزع
إیمانھم . وأظنھ عاش على دماء الحیوانات طویلا , فكما ترون
الموضع یعج بعظامھا , لكنھ ضجر ومل من دمائھا فقرر أن یجرب
شیئا جدیدا , دما بشریا , وبالتأكيد بدأ بأقرب البیوت".
صرحوا : "وماذا نفعل هذه اللحظة؟".
شخص العجوز بنبرة متوعدة : " نحن ھنا في عرینھ , و والله لو جن
علینا اللیل ھنا وصحا من رقدتھ فلن یخرج احد منا حیا من ھذا
الموضع , لاسيما بعدما كشفنا طلب منه , فسارعوا لنتخلص منھ , و
لنتغدى بھ قبل أن یتعشى بنا".
فقالوا بصوت واحد : "وكیف لنا أن نفعل هذا؟".
صرح العجوز : "استخرجوا قلبھ واحرقوه على حدة , واقطعوا الدماغ
واحرقوه على حدة , ثم الجسم كاملا أحرقوه على حدة ولا تتركوا منھ
إلا الرماد".
فأخرجوا سكاكینھم
, وحین أنشبوھا في
صدر مصاص
الدماء تحركت
ملامحھ وندت عنھ
آھة مكتومة , لكنھ
لم یستطع حراكا ,
ولشدة دھشتھم فقد
نزف قلبھ الذي
استخرجوه دما
عبیطا كأنھ قلب
رجل حي , فتأكدوا
من صحة ما قالھ
الرجل العجوز ,
وأحرقوا الفؤاد والرأس والجسم مثلما علمھم أن یفعلوا , وبعدھا أعادوا
عظام الموتى إلى التوابیت ثم أقفلوا باب السرداب وغادروا الموضع
على عجل قبل إجابات الظلام.
وقد كانت هذه آخر مرة یسمع فیھا أهالي هذه المساحة عن مصاصي
الدماء أو یتعرضون لحوادث على یدھا . ومرت سنين طویلة ,
رحلت أجیال وأقبلت أجیال أخرى , إلا أن أهالي كمبرلاند لم ینسوا بأي حال من الأحوال
رواية مصاص الدماء.
ھل الرواية حقیقیة ؟
لعل السؤال الذي یطرح نفسھ بشدة في اختتام ھذه الحكاية ھو : "ھل كان
ھناك فعلا مصاص دماء في كروجلین غرانج أم أن الرواية خیالیة
ومختلقة بالكامل؟".
للجواب على ھذا السؤال على الارجح یجدر بنا تتبع مجرى الحكاية تاریخیا ,
فالمرة الأولى التي جاء ذكرھا كانت عن طریق الكاتب الانجلیزي
اوغستس ھیر في كتابھ الموسوم : "رواية حیاتي" عام 1896 , ومنذ
هذا الحین اشتھرت الحكاية في عموم المملكة المتحدة.
إلا أن لاحقا في عام 1924 أبدى الكاتب شارلز جورج ھاربر عن
شكوكھ بكون الحكاية حقیقة , وتحدث أنھا مجرد حكاية شعبیة من الفلكلور
الانجلیزي , وبسبب أثبات كلامھ قرر زیارة مقاطعة كامبرلاند
بنفسھ بحثا عن بيت كروجلین غرانج , أي الموضع الذي زعم ھیر أن
الرواية جرت فیھ . إلا أن ھاربر لم یعثر على أي بيت بھذا الأسم ,
وبدلا من هذا عثر على منزلین , أحدھما یدعى كروغلن لو ھیل ,
والأخر كروغلن ھاي ھیل , وبعد بحث و تحقيق طویل توصل إلى
أن كروغلن لو ھیل على الارجح كان ھو الموضع الذي وقعت فیھ فاعليات
الحكاية , لكنھ لم یعثر على أي كنیسة بالقرب منھ.
ما توصل إلیھ ھاربر ألقى بشكوك قویة بخصوص حقیقة الحكاية . لكنھا لم
تكن نتیجة نھائیة وحاسمة , فبعد سنين , في الثلاثینات القرن
المنصرم تحدیدا , ظھر كاتب آخر یدعى فرانسیس كلیف روزس
وتحدى ما توصل إلیھ ھاربر , قائلا بأنھ یعتقد بأن كروغلن غرانج
حاضرة فعلا وأن الحكاية لا تخلو من حقیقة , وبسبب إثبات هذا
ذھب ھو الآخر في سفرية بحث إلى مقاطعة كامبرلاند , وبلغ إلى



نتیجة مشابھة لما توصل إلیھ ھاربر , أي أن بيت كروغلن لو ھیل
ھو في الحقیقة نفسھ بيت كروغلن جرانغ , إلا أن فرانسیس أفاد بأنھ
عثر بجوار البيت على حجر أساس یعود لكنیسة قدیمة , وھذا
أمر یعضد حقیقة الحكاية. مثلما أخبرتھ واحدة من السیدات من أهالي
المساحة بأنھا تعرف القلة من آل فیشر أصحاب البيت السابقین ,
وأن أحدھم شدد لھا صحة الرواية نقلا عن جده الأضخم , لكنھا تحدثت بأن
الرواية لم تقع في منتصف القرن التاسع عشر , بل ھي أقدم بكثیر ,
على الأغلب في طليعة القرن الثامن عشر , وأن البيت كان فعلا
یدعى آنذاك كروغلن غرانج.
أیا ما كانت حقیقة الحكاية فأنھا تبقى إحدى أشھر روايات
مصاصي الدماء في انجلترا , مثلما أنھا خیر شاھد على أن روايات
مصاصي الدماء لا تبدأ حسبما یزعم القلة بروایة دراكولا للكتاب
برام ستوكر المنشورة عام 1897 , بل ھي أقدم عھدا بكثیر.
المصادر :
?The Croglin Grange Vampire – Was It Real

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -