أخر الاخبار

موقف مدونة الأسرة المغربية تعدد الزوجات





);

موقف مدونة الأسرة المغربية تعدد الزوجات

موقف مدونة الأسرة المغربية تعدد الزوجات

أولت مدونة الأسرة لموضوع تعدد الزوجات أهمية خاصة من خلال تخصيص خمس مواد منظمة لأحكامه، ويرجع السبب في نظرنا لأهمية الموضوع وما أثاره من خلافات ومناقشات مختلفة.
ونعرض لموقف مدونة الأسرة من تعدد الزوجات بالإشارة أولا لحالات منع التعدد وحالات الإذن به، مع الإشارة إلى حقوق الزوجة المراد التزوج عليها والمسطرة الواجب إتباعها لمناقشة طلب الإذن بالتعدد.
1ـ حالات عدم إذن المحكمة بالتعدد:
بمقتضى المادتين 40 و41 من مدونة الأسرة فإن المحكمة لا تعطي الإذن بالتعدد في الحالات التالية:
1ـ إذا اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج أو في اتفاق لاحق عدم التزوج عليها، وذلك عملا بالقاعدة الفقهية التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين، وأخذا بالمذهب الحنبلي الذي يعتبر أن هذا الشرط صحيح وملزم ويجب على الزوج أن يلتزم به، وبذلك يتبين أن المدونة قد استبعدت المذهب المالكي الذي يقول بأن هذا الشرط غير ملزم ومكروه ولا يجب الوفاء به.
فالمادة 40 من مدونة الأسرة تنص على أنه: “يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها”.
وهذا يعني أن التعدد يمنع بكيفية مطلقة متى اشترطت الزوجة ذلك على زوجها، خلافا للفصل 30 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة الذي كان يقتصر على إعطائها حق  الخيار
غير أن الجديد الذي جاء به المشرع المغربي في مدونة الأسرة هو الاعتراف بالقوة الإلزامية للشروط، حيث جاء في المادة 47 منها ما يلي:”الشروط كلها ملزمة، إلا ما خالف منها أحكام العقد ومقاصده وما خالف القواعد الآمرة للقانون فيعتبر باطلا والعقد صحيحا”.
ويمكن تلخيص هذه الشروط في ثلاث أنواع، فهي إما شروط يجب الوفاء بها لأنها من مقتضيات العقد، وإما شروط لا يجب الوفاء بها وهي التي تكون منافية للعقد، وإما شروط فيها نفع للمرأة ولكن لا يقتضيها العقد ولا تنافيه، كاشتراط الزوجة عدم التزوج عليها
وعليه فبمجرد اشتراط الزوجة على زوجها عدم التزوج عليها، فإن إمكانية التعدد تكون محسومة سلفا، و هذا الشرط هو حق خالص للزوجة ليس للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها، وإنما يرجع أمر التمسك به أو التنازل عنه للإرادة الحرة للزوجة.
وقد نص قانون الأحوال الشخصية الأردني في الفقرة الثانية من المادة 19 على إمكانية اشتراط الزوجة على زوجها عدم التزوج عليها واعتبره شرطا صحيحا وملزما، فإن لم يفي به الزوج فسخ العقد بطلب من الزوجة وكان لها الحق في مطالبته بسائر حقوقها الزوجية.
إلى جانب اشتراط الزوجة على زوجها عدم الزواج عليها، قد يشترط الزوج هو الآخر على زوجته أن يعدد وقد جاء في أحد عقود الزواج ما يلي:” وأشهد الزوج المذكور أنه اشترط على زوجته المذكورة أن يعدد عليها بامرأة أخرى فقبلت الزوجة هذا الشرط قبولا تاما”
إن اشتراط التعدد من طرف الزوج ليس فيه ما ينافي أحكام عقد الزواج ومقاصده، إلا أن تنفيذه والوفاء به يثير بعض الصعوبات، فمن الناحية الإجرائية هل يغني اقتران مثل هذا الشرط عن استدعاء الزوجة، و الإكتفاء بما جاء في العقد من التزام بالشرط للحكم بالتعدد مع افتراض توافر باقي الشروط المطلوبة للإذن بالتعدد.
بالرجوع إلى المادة 43 من مدونة الأسرة يتبين أنه يتعين على المحكمة من أجل البت في طلب الإذن بالتعدد استدعاء الزوجة المراد التزوج عليها، وعليه يعد استدعاء الزوجة من القواعد الإجرائية المنظمة لمسطرة الإذن بالتعدد وبالتالي يكون اشتراط الزوج مصادما لهذه القواعد الإجرائية ومن ناحية أخرى تتجلى صعوبة تنفيذ هذا الشرط في احتمال عدم موافقة الزوجة المراد التزوج عليها.
2ـ إذا توفرت قرائن يخاف معها عدم العدل بين الزوجات، وهذا الخوف تستخلصه المحكمة من القرائن الموجودة أمامها، و بالرجوع إلى العمل القضائي الأسري نجد القضاء يستعمل سلطته التقديرية بخصوص توافر شرط العدل بين الزوجات،
3ـ إذا لم يثبت الزوج الأسباب والمبررات الموضوعية والاستثنائية التي اضطرته إلى طلب الإذن بالتعدد، وبالرجوع إلى مدونة الأسرة نجد أن المشرع المغربي لم يحدد بكيفية واضحة المقصود بالمبرر الموضوعي الاستثنائي، لذلك تخضع هذه الأسباب إلى السلطة التقديرية للقاضي بحيث إذا لم يقتنع بها لن يمنح الإذن بالتعدد.
وقد ذهب أحد الفقه إلى أن المقصود بالمبرر الموضوعي ما لا تستقر بغيره جوانب مادية أو معنوية من حياة الإنسان، ومن ذلك أن تكون المرأة عاقر أو تنفر كثيرا من الاتصال الجنسي، أو أن لا تكون لها الرغبة فيه مطلقا، أو أن تكون مصابة بمرض عضال يقعدها عن الفراش، ويرى أن التكييف الراجع أمره بهذا الشأن للمحكمة يتعين التضييق فيه لأن الأمر يتعلق برخصة تحمل طابع الاستثناء
والجدير بالذكر أن الراغب في التعدد هو الملزم بإثبات المبرر، حيث يكون عليه إقامة الدليل أمام المحكمة ليبين الأسباب المبررة لطلبه، وإلا كان طلبه معرضا للرفض،
4ـ إذا لم يثبت الراغب في التعدد توفره على الموارد المالية الكافية للوفاء بالتكاليف المالية العادية لإعالة أسرتين في النفقة والسكن والقدرة على المساواة بينهما في جميع أوجه الحياة.




تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -